الخميس، 27 سبتمبر 2007

الآخـَـــر



كانت الأشياء ملء يدي . الأشياء التي تبقى ظاهرة حتّى بعد مغيب الشمس . تظلّ حدودها واضحة بيضاء مشرقة تشبه صفاء المغفرة ..
وعندما أعشب ربيع عمري ، اكتحلتْ .. وأخذ الليل يسفّ دلمته من كحل عيني ، وأمكن للشمس أن تخبئ الدنيا خلف رعافها النازف كل ليلة ..


يوماً ، ظهر الآخَر في آخِر زرقة قبل حلول المساء ..
أخَرٌ يعيش في ظلمة قَدَري ، يتلّقى الصفعة عندما تخطئني ، يبكي عندما أفوز ، يستيقظ حين أنام .. وحين استرخي ، يرتجف من غلواء دمه .
آخَرٌ يحصل دائماً على قناع الوجه الحزين عندما تتمسرح الحياة ، وعلى أدوارٍ هامشية صعبة ومنسيّة ..
أخَرٌ يربطني به خط متعة تصل أعلى مؤشراته عندي ، وينخفض نزولاً باتجاهه ..
أخَرٌ يبقى مأسوراً لوهج "زئبق الطاسة " *الفضّي علّه يعكس صورة الذي يسرق منه فرحته كل مرّة ..
كلماته قليلة مبعثرة ، وصمته ترجمة للفراغات في رأسه كــ " كريم " في رواية "مريم الحكايا " ، وتبرّمه الواضح لا يتسبب بأدنى وخز للضمير لأنه " مقرود" ، ولأن هذا هو نصيبه .


عندما جمعنا أفقٌ نازف ، أنا والآخَر ، تقاطر بيننا زمنٌ غاضب . وانهدّ جدار الصمت ليسيل صوته ثقيلاً لزجاً رماديّ النبرة ..


ـــ لـمَ اكتـحلـتِ ، لـمَ ؟


*  يستخدمها السحرة والمشعوذون لكشف المستور  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق