1
تلك الفتاة تجلس في حالة تأملية ..ستحملنا التوقعات إلى أن رجل ما هجرها ، عاتبها حبيبها بقسوة ،انتهت من أعمالها المنزلية ، تتحايل على الوقت ، أو ربما للتو فرغت من سماع أغنية شعبية تأثرت بها . تبدو هذه الفتاة كأنها هجرت السخافات والمكائد إلى الأبد ...وهي في حالة خمول وكسل زاهي . في ملامحها فخر لأنها تستطيع هجر الحياة ولو لفترة بسيطة . وكأنها تصالحت مع كل الشرور ، وروضت تلك الارتباكات .صارت أنثى تعرف كيف تستريح . الجزء العاري لا يؤجج التشهي ، ولا يستحضر القداسة . مرسوم بعناية الحياد شأنه شأن الخجل الفاحش حين توارب وتسميه بأسماء أخرى تجازوا .المنطقة السفلية المضللة تخلق تواصل حميمي مع المكشوف في الأعلى ..كأن التضاد التي تحمله في ذاتها ينعكس على المحجوب والمكشوف . الشعر لا يحمل لمحة جمالية فقط ولكنه أيضا يحمل بعد الحجب ..كأنها تؤكد على شعار الاكتفاء الذاتي ..ففي تفاصليها ذاتها المركبة على حالتين من التضاد.
2
تقرأ كتابا ، تنهي واجبا مدرسيا ، تقرأ رسالة غرامية أو تكتبها ، لا فرق .كل هذه النبوءة تشي بفعل حميمي تمارسه تلك الفتاة بإحساس منعزل وهو الإحساس الذي تؤكده في كل رسوماتها . فهي تختار لهن عزلة لائقة .إنها تمنحنا شعور بأن كائناتها تتآلف مع ذاتها وتنفصل عن العالم الخارجي . هذه المرة جاء الاختلاف في عدم تعرية الجسد .اختارت أن تجعلها بلباس بسيط وبقصة شعر تعبر عن حالة شابة نزقة . تفعل شيئا ما.. وتغييب ملامح هذا الفعل له دلالته .فهي في رسوماتها تحجب وتكشف ، تخلط بين الوضوح والغموض وكأنها تمنح تلك المعاني دلالتها المرتبطة بسياق الصورة . في هذه الصورة استبعدت جانبا مهما تتكئ عليه في رسوماتها وهي إغراق الجسد بحالة صوفية . هذه اللوحة تشي بفتاة اللحظة ..لذا جاءت الدلالات مكتسبة من الواقع المعاش .وهذا يدل على أن الفنانة يقودها وعيها إلى التعاطي مع نسائها بحسب معطيات الصورة ولا تسقط عليهن فكرة أبدية .إنها تحررهن أثناء الرسم وتطلق قيودهن . ولا يمكن التعبير عنهن بالفتيات الآثمات .أنها تتقصى عزلتهن دون معالجة مثالية لهذه العزلة .
3
جسد عاري لكن هل هو متحرر ؟ هل هو معبأ بالخجل ؟ هل هو مزهو بعريه ؟ تعيدينا الفنانة الى لذة الالتباسات فهي لا تعطيك المعنى الحقيقي في لوحتها . لأنه لا يوجد ذاك المعنى الحقيقي .فهي تركب العري على الستر أو العكس . فهذا الجسد يبدو يافعا وهو ليس السن الذي تقدمه لنا في بقية اللوحات. ما دور النقاط السوداء في اللوحة !هي حتما ليست حالة تشويه ولا تبشيع ،ولا هو محاولة للتقليل من حجم العري .ربما هي حالة تضليلية . فهي لا تريد الوصول إلى معنى مكتمل من تلك الأجساد . هي حالة اللارضا التي تكسب اللوحة مشاعر متباينة . فهي لا تنتظر التعاطف أو الانحياز لنسائها ، بل تقذفهن بحياد في اللوحة ،وتلقنهن معنى التيه . تضعنا أمام فكرة كيف نتعرف على ماهو مرئي بإحساس لامرئ .إنها ترسم بحالة ليست مبتهجة تماما ، وبمشاعر ليست فوضوية .لا تقترب من السريالية بفجاجة ولا تحقق قدرا من الوضوح بمنح كل جسد طاقته . لا تغرق لوحاتها باللون ،ولا ترهق الأجساد بالتفاصيل .كأنها تختار لهم عتمة بديلة ، وضوء فاسق يمنح تلك الرسومات الطهر المثالي .
* طامي السميري .
ممممم
ردحذفقرائتي لقراءة الكاتب طامي السميري
رغم أنه حاول أن يأخذنا بقلمه مكاناً قصياً وينأى بنا عن تلميحات الحميمة وإغراء الجسد
الا انه أوغل فيها بمفردات تشي بشيء ما يدور في ذهنه حاول نفيه عن الصور ووقع هو فيه .!
ومصطلح البدائية قد يدعم رأيي ..
عموماً
الندبات السوداء في الصورة الأخيرة أتوقع أنها تصور عدد النزوات لهذا الجسد ..
هذا رأيي والرجاء عدم النحو بمصطلحات النحو الى منحى غير " آمن "
وبالمرة ندحرج التماسي يا أبلتي
أذهب بهذه الرسومات-النسوة إلى أنهن عجينة الغيم بين يدي الفنانة، والغيم لا يتشابه.
ردحذف