الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

ليس كل باطما العربي !



يقف خالصا من الدنيا بثبات قد ينقلب إلى تصلّب عندما يشتدّ عصب الغناء ، حاملاً على كتفيه النحيلين سماء من وجع العوز والتيه وكرامة شعبية مهدورة ،

ويأساً من نهاية محمودة مع الخبيث الذي انطوى تحت ضلوعه وغيّبه في خمسينه .

باسقاً نحو الأعلى ، نحو الله حين يقترب من المجاذيب الشاطحين .. بشَعره الذي يماثله في تمرّده وارتمائه في وجه الريح ، وبعودين من ثورة ومرارة يحكي

تاريخ رجل متيّم بالحرية على طبلته ، رجلٍ يخشى التيبّس الروحي واللجم ، رجلٍ يختم أيام مرضه المتلهف لخطفه بـ " ربِ خذني بما شئت ، لكن رحماك ..

أبعد عنّي الاختناق "

يمتدّ الصوت الهائل من حنجرته ليغمرك ويجذبك ويتركك أسيراً لسطوة الغيواني البسيط الهيئة والمخلوق من جمر السنين المغربية اللاهبة . ويترك في روحك

ولعاً بمفرداته الموشومة بـ الرحيل والحدّة : " اسم أبي رحال. اسم جدي رحال. اسم أمي حادة. الرحيل، الحدود، الحدة، أسماء تعني العنف والألم وعدم الاستقرار،

هكذا كانت طفولتي رحيلا بين الدار البيضاء والقرية " . تلك المفردات المبثوثة في روح أغاني شعبية وصوفية ونغم كناوي وحضرة عيسوية وأنغام العيطة.





http://www.youtube.com/watch?v=VWvcZxwJCiY&feature=player_embedded





هذا الصوت المفرط في إنسانيته يتناسل ...

مرتديا ذات الجسد المحموم الذي يشتعل بألق عندما يغنّي ،

واقفاً الوقفة السهمية المارقة في خاصرة الفنّ العابث ، وبسحنته الصحراوية المدقعة وصعلكته التي تهذّبت قليلاً ..

لكن ليس كل باطما العربي !



نكهة رشيد باطما – الأخ الأصغر – أخفّ وأقل تركيزاً رغم أنّه يقف وسط حوض نعناع العربي * ، وحنجرته المحتجّة على ميلان الأفق أخفت نبرة .







* ألبوم حوض النعناع : عمر السيد - رشيد باطما - حميد باطما وشفاع عبد الكريم .

إوزّة ..





أنا مثل الإوزة لا تعرف شيئاً بشكل جيد . تعرف الطيران لا كالطير، والسباحة لا كالسمكة ، والغناء لا كالشحرورة ..



* رسول حمزاتوف .

لا أبلغ منتهى الأمور ، وأتركها معلّقة في منطقة وسط بين الصفر والعشرة . أرسم لكني لست محترفة . أكتب لكني لست كاتبة . وأشبه كثيراً إوزة حمزاتوف .



وتنقلي بين الرسم والكتابة والموسيقى لا يؤكد وجود موهبة ربّانية حقيقية ، بل هو دلالة قاطعة على أنّي ملولة جداً ، وأنّي طوّرت استراتيجية درء الملل بالتنقّل المتراتب بيت تلك الأثافي الثلاث .

قلب غير قابل للعطب .


على خط العلاقات ، الحب الفاتر لا يبتعد كثيراً عن البغض بلا مبالاة . يسترخيان قريباً من بعضهما ، وبعيداً جداً عن التأجج في طرفي ذلك الخط .

وقلبي يراوغ التأجج ويستكين في تلك المساحة المضمونة .

المنافسة على قلب ما ، تعني الكثير من الغيرة ، والقليل من الفرح . ولأني أقسمت أن لا تعطب الغيرة قلبي ، أنسحب منتصرة لنفسي .

.....



كثيراً ما أعلق بتفصيل صغير جداً يربك طمأنينتي .

مثل المشهد الذي يسبق اغتصاب حاتم - خالد صالح - لنور التي يحبها بهوس - منّه شلبي- في فيلم " هي فوضى " ،

عندما تسأله بخوف واستنكار : إنتا مجنون ؟



ويردّ عليها بصوت عنيف جامح : أيوه .. ثمّ يتهدّل كقماش ثقيل مبلول ويكمل بمنتهى الضعف :  بيكي ..

تلك الثواني التي انكسر فيها حاتم ستظل عالقة بروحي حتّى أتهاوى .

!

بعضهم عرفوني أكثر منّي ،


عرفوني أكثر مما يجب ..

قالوا :

* أنّي عندما آتيهم ، لا تسقط عيني خيط النظر الشفيف الممتد بين نواظرنا .



* أنّ الخيبات قلّمت أظافري .


* أتورط بالمقدار الكافي للإنسحاب المفاجئ ، وأترك دائماً خطاً للرجعة .



* كثيفة كرمل ، متقطعة كرمل ، أنساب كرمل ، ودافئة كرمل ..

* ألوم قليلاً ، لا ألتفت كثيراً .. وهواجسي طفلة مهشمة القدم .



* أدّعي الجفاف ومسامي رطبة ..

* لساني معشب ، وقبل أن أنطق بذر الحروف يبلّها ريقي ، فتتفتح عن باقات ورد .

* آتي بغتة ، واختصر غياباً طويلاً بآهة ..

Catalogue



في كل مرّة أضيف فيها اسماً جديداً لقائمتي ، اضطر لسرد حكايتي ذاتها . ولأنها حكاية مكرورة فإن صوتي يكون فاتراً .. وهذا يعطي انطباعا خاطئاً بأن تلك التفاصيل المسرودة غير مهمة ويمكنهم تجازوها بكل بساطة . وحتّى أوفر على نفسي عناء السرد الممل الذي يترك أثراً قابلاً للمحو ، ولأني أدرك جيداً أنّ ملامحي مبهمة ، .. فكرت في أن أصمم لي كتالوجاً بشرياً أهديه للأسماء الأحدث في قائمتي .