الثلاثاء، 19 فبراير 2008

إلى هاويةٍ أقرب ..



[ لمن يتأثر : من ينازع وحوشاً يجب أن ينتبه جيّداً ألا يتحوّل إلى وحش . فحين تطيل النظر إلى الهاوية ،
تنظر الهاوية إليك أيضاً وتنفذ فيك . ]


• نيتشه


النساء عندما يحاولن تدوير المربّع في دائرة الحياة ، يمتن . فيرجينيا وولف ، لورا براون ، كلاريسا فوجن وتلك الساعات * الثقيلة الداكنة الغارقة في سنين من الخيبة والضياع الروحي والرغبات المحرّمة . الساعات التي تزرع فيهن رغبة عارمة بالخلاص فيحاولن إيقاف نبض الحياة ، وعندها ينجحن بالموت المبلل غرقاً ، أو يهربن منه لموتٍ آخر أشدّ جفافاً ..


" قالت السيدة دالاوي بأنها ستشتري الأزهار بنفسها "
العبارة التي كتبتها فيرجينيا ، وقرأتها لورا ، وعاشتها كلاريسا
. الخيط الرفيع الذي ربط بين حيوات ثلاث نساء في أزمنة مختلفة . خيطٌ رفيع منسولٍ من قلقٍ وسخط ٍ وكآبة ..


المسافة الأصغر للّحظة الأقصر حين تصل الحركة إلى مستوى الثبات . ثبات المقلة في محجرها ، سكون القلب بعد آخر نبضة ، ارتخاء الذراعين المتشنجين . المسافة الأصغر ، واللّحظة الأقرب كانت هاجس فيرجينيا التي آمنت بأنه " يجب أن يموت أحدهم حتى يعيش الآخرون أكثر " . الثبات الذي سعت إليه مرتين وفشلت قبل أن تحصل عليه بجدارة في المرّة الثالثة . كانت الهاوية تنظر إليها بنفاذ تام ، والموت أعطاها وثيقة خلاص بنفسٍ لاهث ..
مع لورا وكلاريسا كانت لحظات الثبات قصيرة ومتتالية . ومن ثباتٍ إلى ثبات كانت الحركة المشدودة إلى خيط الزمان الذي ربطها من بدايتها إلى نهايتها . ثباتهن تأخر كثيراً وكانتا أقل جرأة من أن يسعين إليه . الرغبة الحقيقية بالموت تحتاج لقلب متعبٍ جداً ، وعقلٍ يسمع أصواتاً لا يعرفها ..


* فيلم The Hours

هناك 5 تعليقات:

  1. " الرغبة الحقيقية بالموت تحتاج لقلب متعبٍ جداً، وعقلٍ يسمع أصواتاً لا يعرفها".

    أفكرُ الآنَ أكثر، في المعاني التي تطمرني، دون أن تدعَ لي فرصةَ ممارسةِ ترف التنفس.

    معَ كلِّ هذا الموت، لا يُمكنُ للهاويةِ سوى التصفيق.

    أفكرُ في صديقتي التي تواعدنا أن أقتلها الصيف المقبل، مُنتظرةً فقط أن تُنهي سنتها الدراسية، ثم تنوي أن ترحل على الفور.

    أصنعُ من لغتي ضريحاً ليحتوي كل هذا الفقد، كي أضع عليه شاهداً أزوره فيما بعد، وفي يدي زهرةٌ لا يستحقها سوى الموت لأجل كل هذا المجد.

    ردحذف
  2. بسم الله عليك لا تمومتي كاريزما
    أنت الشخص الوحيد الذي يسمع لي طلباتي


    تراي ما حبيت فرجينيا هذه
    ولم أستطع أن أدرك مكانتها التي يقولونها

    لم ولن أشاهد فيلم الساعات مع أني جدا تعجبني مريل ستريب ولا أحب نيكول كيدمن أبدا
    لكن هذا الفيلم موضوعه خطر علي جدا أظن أحس
    بخاف من كذا قصص جدا وربما لو نصحتني مستشارتي النفسية حوله لكان رأيها محل إعتداد ...

    شكرا
    في ناس بدها إياكييييييييي

    ردحذف
  3. صمتٌ مخيف.
    تُرى أي الأصواتِ تسمعينها الآن.

    على أملٍ أن تتجاوزي إلى ما وراء الإصغاء، دون الالتفات كثيراً لأصواتٍ ستأخذكِ بعيداً.

    يلا، تعالي، اظهري، اللعنة على فيرجينيا وولف.

    ردحذف
  4. حارسُ الهاوية :
    غريب جداً أن تكون هناك من تهتم لإنهاء سنتها الدراسية قبل أن تهوي للموت . تبدو من النوع الذي لا يحبّ أن يترك خلفه قصصاً غير منهيّة .
    جميل أن نموت ونحن ندرك أن هناك من سيكتب بعدنا تأبيناً لايقاً ..

    حضورك خاطف للانفاس - حرفياً .

    ردحذف
  5. me،

    أحب الحياة فلا تخافي من فقدي . وإن حدث فلن يكون ذلك برغبتي .. تأكدي من ذلك .
    فرجينيا كتبت عن المعاناة النسوية في مجتمعها ، وكانت سبّاقة إلى ذلك . بالإضافة إلى تركيزها على الرواية الوصفية - إن جاز لي التعبير- بطريقة مدهشة .

    لا تحرصي كثيراً على مشاهدة الفيلم إن كنتِ من النوع الذي يصاب بالكآبة سريعاً .

    كوني بخير ..

    ردحذف