الخميس، 16 أكتوبر 2008

شوط خاص ..

دسّت خمسين ريالاً في حقيبتها الفضيّة اللامعة – والتي تتماشى مع أغلب فساتينها اللاميه في ذلك الوقت – لتُسقط ما برأسها من هوى وخرجت . في وسط قصر أفراح " المحبّة " تربّعت "أم بريه "، وعن يمينها ويسارها بقية "الطقّاقات " بدفوفهن الستّة ، والدافور المشتعل .. نورة بقصة فستانها ذيل السمكة تقف وراء آخر حلقة رؤوس تحيط بدائرة الرقص الضيّقة . بدأت باختراق الحلقات المتراصّة بهدوء وتمهّل لتحجز دوراً في الرقص . أنهت "الطقاقات " تلك الوصلة الغنائية فجأة ، وتوقف ضرب الدفوف وأيدي الفتاتين الراقصتين معلّقتين في الهواء . ترتخي الأيدي المعلّقة بخيبة ، وتسرع نورة لتمدّ الورقة النقدية التي تحمل الوعد بالمتعة إلى " أم بريه " وهي تقول بنبرة استفهامية : ما معاكم خبر زين !! .. يهتزّ الوجه الممهور بالكثير من اللامبالاة بالموافقة وهي تضع الخمسين في محفظة صغيرة ، وتخبئها تحت فخذها الثقيل .. تتوسط نورة الدائرة وحيدة إلا من كبرياءٍ اشترته بمالها .. ويبدأ ضرب الدفوف بــ " دوم تك .. دوم تك " سريعة من ثلاثة دفوف ، ويدخل عليها نغم متتابع " دوم دوم دوم تك .. دوم دوم دوم تك " من الدفوف الباقية .. ترقص نورة ، ويرقص معها ذيل السمكة ، والحقيبة الفضيّة ، وأعوامها العشرين ..


ترقص وصوت "صقع الدفّ " الذي ينمّ عن إعجابٍ بجموحها ، يزيدها استعاراً ..


ترقص وترقص ..،  حتّى تنهي خمسونٌ أخرى وقت متعتها ..


كانت تلك رقصتها الأخيرة قبل أن يمنعها زوجها المتزمت عن حضور الأعراس . غابت طويلاً حتّى ماتت السمكة من العطش وتيبّس ذيلها ، وبهت لمعان الفضّة في فساتينها وحقيبتها ..


البارحة اختلط الحابل بالنابل في حفل زفاف ابنة الجيران في أول تحرر لنورة من (لا ) الزوج القاطعة . رقصت عشرات الفتيات دفعة واحدة على دكّة مرتفعة ينتظم عليها صفّ طويل لفرقةٍ شبابية الروح والطرب، وآلاتٍ موسيقية تراها لأول مرّة . كل ما تمتمت به منذ دخولها صالة الفندق كان " الله يتمم عليكم بخير " .. وبعدها جلست حول طاولة مزينة بالشموع والورد ، وموج راقص من الفتيات سرق دهشتها طوال السهرة . سحبتها الجارة لترقص لمّا رأت تمايلها الخفيف غير الواعي مع صوت " مشاعل " المبحوح بدفء .


اعترضت نورة : ترى ما أعرف أرقص إلا لحالي !!


-  بس هذا يبي له شوط خاص ، والأشواط الخاصة لأهل العرس بس .


- جايبة خمسيني معي ..


وقتلت الرقصة التي سكنت خصر نورة حين قالت :


-  خمسين ؟؟ ترانا جايبين مشاعل بـ 30 ألف . وش بتسوي خمسينك !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق