الخميس، 13 مارس 2008
نافذة معتمة
جلستْ على عجل ، وزينتها المرتبكة تدل على أنها لم تنظر لنفسها مرتين في المرآة قبل خروجها . لم تنتظر ترحيبي بها وبادرتْ بالحديث :
الخميس، 6 مارس 2008
عفنٌ مذهّـب ..
في ظهيرة أنعشها الدفء على غير العادة ملأتْ جيوب الوقت بالكلام . تحدّثتْ مطوّلاً عن منزلها الجديد بتصميمه المدهش ، وتكامله الفريد
كان كل ما فيها يتحدّث . البريق في زوايا عينيها ، فتحتا أنفها المتسعتان بانفعال ، سبّابتاها اللتان رسمتا تخطيطاً وهمياً متداخلاً للحجرات والنوافذ والأبواب ، وفمها الذي لا تبتلّ داخله الكلمات .
اختلط هواء الغرفة بغبار بيوت ( العظم ) الخانق ، ومرّ الوقت مترنّحاً مخنوقاً وأنا متورطة بالإيماءات الباردة المتتالية ..
يا ربّ الكلمات دعها تصمت !!
جاهدتُ طوال الوقت لأتعلّق بأهداب عينيها وهي تتكلم ، وغالبت رغبة عميقة لأعدّ أثاث الغرفة ، الأقلام على المكاتب ، شرائح الستارة الخشبية – وسيلتي المعتادة للهروب من الأحاديث الباهتة .
انتهتْ من ( التلييص ) والسباكة والدهان ووصلتْ إلى الديكورات . وفي لحظة شاء الله أن تضلّ قافلة الضجر طريقها ، ذكرتْ الـجبس الأخضرالمذهّب .
كان للكلمة وقع مباغت ... يشبه انغراز كعب حذائي الدقيق بين صفائح معدنية طولية مثبّتة أمام باب البنك الزجاجي قبل أيام .
يالله !! لم يكن ينقصني في هذه الظهيرة الرمادية إلا أمرٌ يعتمد على ذاكرتي المعطوبة !!
جبس أخضر مذهّب ، وبدأت الذاكرة تجرش أعوامها بتثاقل . غابت نوال من أمامي ، وطغى على صوتها الحادّ ضجيج النّساء في مجلس الحريم . وقفتُ ببابه طفلة صغيرة تعلّقت عيناها بالسقف . وأدرك تماماً أني كنتُ صغيرة حينها لأن مقبض الباب دخل في فتحة بين أزارير بلوزتي الخلفية وقطع أحدها عندما تحركت .
لا أذكر الوجوه ، ولا الأسماء ، ولا الأصوات ، ولا أعلم لمَ كنتُ في ذلك المكان ومع من . كل ما اختزنته الذاكرة سقفٌ مزيّن بالجبس المحفور بأشكال هندسية في وسطه ، وفروعٌ مورقة على الحوافّ . كان اللون الأخضر مبتذلٌ جداً ، ولم يوحِ بطيبة الخضرة ولا بدفئها . وكان فوضوياً يخرج من حدود الأغصان ، ويقف قبل أن يصل لزوايا الأوراق . وبلغت البهرجة ذروتها بذلك التذهيب الصارخ اللجوج ..
كان ذلك السقف مزركشاً بشكلٍ مفرط ، وحدّقت طويلاً في تلك الخيانة العلنية للذوق حتّى نسيتُ ما عداها ..
ومنذ الظهيرة وأنا في انتظار ما لا يأتي من الوجوه والأصوات والأسماء ..
.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)